محاضرة معهد الرعاية 2005م لنيافة الحبر الجليل الانبا بنيامين اسقف المنوفية (عيد خميس العهد ) الأعياد السيدية: عيد خميس العهد تحتفل الكنيسة بهذا العيد وسط آلام الرب المخلصة ليفدي البشرية كأحد أعياد ثلاث: عيد الشعانين (بداية أسبوع الآلام) – خميس العهد (منصف الأسبوع) وبداية العد التنازلي لإتمام الفداء – عيد القيامة (الحياة الأبدية المنتصرة على الموت)
هذه الأعياد السيدية تظهر أن السيد المسيح ليس شخصاً عادياً يموت كبقية البشر وإنما هو الرب المتجسد لاجتياز الآلام ليتمم الفداء وليهزم الموت ويعلن الحياة... لقد دخل الرب الآلام وهو يحمل قوة القيامة وبسلطانه الإلهي على كل قوى الشر (الملك الذي دخل معركة يضمن النصرة فيها)
مكانة خميس العهد: يوم قدّم فيه الرب يسوع جسده الحامل الحياة الأبدية وقوة القيامة (أنا هو خبز الحياة – هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت – أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد – والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم) يو 6 : 48 ، 50 ، 51). (مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة الأبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق... من يأكلني يحيا بي) (يو 6 : 54 – 57)
لقد تم في هذا اليوم ما وعد به الرب لذلك قال لتلاميذه حين أعطاهم الخبز: (خذوا كلوا هذا هو جسدي) مت 26 ، مر 14 ، لو 22 وحين أعطاهم الكأس قال: (اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمعفرة الخطايا) مت 26 وبذلك يكون قد قدَّم لهم دمه الكريم المسفوك على الصليب والذي به سَدّدَ ديون البشرية كلها منذ آدم إلى نهاية الدهور
من هنا يعتبر هذا اليوم (خميس العهد) بداية العهد الجديد بدمه الكريم مقدماً خلاصه للكنيسة ممثلة في التلاميذ القديسين... من خلال جمعه بين ذبيحة الصليب والقيامة لذلك فيوم خميس العهد يمثل مركز الأحداث الخاصة بالآلام والموت والقيامة... فنحيا هذا اليوم في فرحة الخلاص والعهد الذي أبرمه الرب بدمه الكريم معنا... نحتفل في هذا اليوم بعهدِ جديدِ صنعه الربُ بدمه الكريم كفوله لتلاميذه في (لو 22 : 20): "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يُسفك عنكم"... وكقولنا في طلبة أسوع الآلام:"يا من ترك لنا عهده القدوس جسده ودمه حاضراً كل يوم على المذبح خبزاً وخمراً بحلول روح قدسه"... ودائماً الله هو البادئ بالعهد كما حدث في العهد القديم حين سقط آدم وحواء بحسد إبليس بدأ الله بعهد بينه وبين الإنسان الذي سقط إذ قال له "نسل المرأة يسحق رأس الحبة" وكان ذلك طيلة العهد القديم حتى جاء الرب...وأما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الأعظم والأكمل غير المصنوع بيد أي الذي ليس من هذه الخليقة (ليس من صناعة بشرية) وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً"... (عب 9 : 11 ، 12).. ويوضح خطورة هذا العهد بقوله:"مَنْ خالف ناموس موسى فعلى فم شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة فكم عقاباً أشر تظنون أن يحسب مستحقاً مَنْ داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قُدِّس به دنساً وازدرى بروح النعمة" (عب 10 : 28 ، 29) من هنا يستمد هذا اليوم قيمته كبداية لعهدٍ جديدٍ... نحتفل فيه باستلام الكنيسة لجسد الرب ودمه الذي بهما تُغفر الخطية وننال الحياة الأبدية
لماذاا يعتبر خميس العهد عيداً سيدياً صغيراً؟ رغم أن له مساس مباشر بخلاصنا؟ هذا لأن تسليم الرب جسده ودمه لتلاميذه القديسين مرتبط بأحداث الصليب والقيامة وليس حدثاً مستقلاً بذاته عنهما... تسلَّم دم الصليب قبل حدث الصليب وسَلَّمَ جسد القيامة قبل أن يقوم... ذلك لأنه فوق الزمن ولا يخضع لترتيب الأحداث لأن الزمن محدود ولكن الرب غير محدود... فقصور الزمن ومحدوديته أمام عمل الله جعلت الرب يحضر أي حدث في أي وقت لأنه يعيش في حاضر دائم بلا ماضي ولا مستقبل وتعلمنا الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية أن المسيح أكل الفصح مع تلاميذه يوم الخميس مساءً ثم أسس سر الافخارستيا ثم سَلَّمَ ذلته لليهود فقاموا بصلبه يوم الجمعة العظيمة الساعة السادسة (12 ظهراً) ثم سَلَّم روحه الطاهرة في يدي الآب (3 بعد الظهر) وضرب في جنبة بالحربة فخرج دم وماء... ثم أنزل من على الصليب ليدفن في قبر جديد في بستان بالقرب من أورشليم في غروب شمس يوم الجمعة العظيمة (كما في البشاير)
لقد صنع الرب عشاء الفصح مساء الخميس 14 نيسان وأبدله بالفصح الحقيقي بالخبز المختمر وعصير الكرم المختمر الممزوج بالماء
البعد اللاهوتي: لقد ظهر لاهوت الرب الذي أعطى جسده ودمه لتلاميذه القديسين لأنه هو المخلص وفي (إش 43 : 11) يقول الرب (أنا أنا الرب وليس غيري مخلص)... كذلك ظهر لاهوت الرب في تحويل الخبز إلى جسد الرب والكأس إلى دمه الكريم... راجع يو 6 وظهر لاهوته أيضاً في بداية عهد جديد كما أوضحنا في عب 9 ، 10
لذلك نصنع الخبز (القربانة) على شكل دائرة إشارة إلى اللابداية واللانهاية. ويكتب عليها قدوس الله – قدوس القوي – قدوس الحي الذي لا يموت ارحمناوظهر لاهوته أيضاً في كشف يهوذا الاسخريوطي وعدم السماح له بالتناول
البعد الطقسي للعيد: الطقس يؤكد على عدة أحداث مهمة جداً هي
خيانة يهوذا ... وهذا تضعه الكنيسة في باكر العيد حيث يقرأ الابركسيس الذي ينص على فقد يهوذا الاسخريوطي مكانته كتلميذ لخيانته... وتؤدى الدورة المعكوسة استهزاء بيهوذا الخائن ويرددون (يهوذا يا مخالف الناموس)... وهذا ما أكده الرب يسوع في حديثه مع بيلاطس بقوله:"لذلك الذي أسلمني إليك له خطية أعظم"(مت 26 : 23 وفي قول الرب لتلاميذه عن يهوذا:"ان ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الانسان- كان خير لذلك الرجل لو لم يولد" (يو 19 : 11) من هنا كانت الدورة معكوسة – البرنس مقلوب – الناقوس أيضاً"...الخ صورة صارفة للخيانة لشخص يهوذا الاسخريوطي الذي جعل نفسه رمزاً للخيانة للأجيال
غسل أرجل التلاميذ: وهذا هو طقس صلاة قداس اللقان... فنذكر ما قاله الرب لتلاميذه في هذا الحدث العجيب: أنتم تقولون أنني المعلم والسيد وحسناً تقولون لأني أنا كذلك. فكما غسلت أرجلكم هكذا اغسلوا بعضكم أرجل بعض" ولكن ما المقصود بغسل الأرجل هنا؟... التوبة والنقاوة ويتضح ذلك من قول الرب للقديس بطرس حين رفض أن يغسل الرب قدميه إذ قال له في حزم إن لم أغسلك فليس لك معي نصيب... مما دفع القديس بطرس أن يرجو الرب قائلاً لا يارب بل رأسي وجسدي كله... فرد الرب عليه قائلاً:"ان الذي اغتسل مرة لا يحتاج إلا إلى غسل قدميه... والغسل مقصود به المعمودية... وبذلك يكون غسل الأرجل هو التوبة والنقاوة التي نسميها المعمودية الثانية الدائمة
تسليم الرب جسده ودمه للتلاميذ: وهذا ما نذكره في القداس الإلهي... وهو أصغر قداس على مدار السنة كلها... غذ يخلو من الأجزاء الآتية:
مرد دورة الحمل (لأن الخلاص لم يكن قد تم وقت أحداث هذا اليوم السيدي فلا يقال لحن هذا هو اليوم الذي صنعه الرب)
ولا مرد ما قبل التحليل ( خلصت حقاً - سوتيس آمين)
لا يقرأ الكاثوليكون: لأن فيه تذكار العشرة أيام التي بين الصعود وحلول الروح القدس
لا يكون هناك تقبيل في دورة البخور إشارة إلى قبلة يهوذا
لا تصلي صلاة الصلح... لأن الصليب لم يكن قد تم... ولا توجد قبلة في الكنيسة
لا يصلى مجمع القديسين لأن الفردوس لم يكن قد فتح بعد... ولم تكن الرحمة قد أعطيت
فلا يصلى الترحيم العام (أولئك يا رب)... بل كانت الأرواح كلها في الجحيم وتوصي القوانين أن يكون التناول في الساعة التاسعة حتى لا نشترك مع اليهود في فصحهم الذي كان بين العشائين (بعد الغروب)
طقس اليوم:
طقس باكر: وهو جزء من البصخة التي تبدأ من يوم الشعانين: النبوات – ثوك تاتي جو – رفع بخور عشية ويشمل: الشكر – أرابع الناقوس – ارحمنا يا الله – أوشية المرضى – أوشية القرابين – فلنسبح – الذكصولوجيات –دورة البخور بدون تقبيل – قانون الإيمان – افنوتي ناي نان – كيرياليسون باللخن الكبير – لحن فاي إتاف انف – قراءة الابركسيس الحزايني (لحن ابركسنتون) – قطعة تبكيت للخيانة يوداس – أوباراناموس ومعناها يهوذا مخالف الناموس – أجيوس الثلاثة (الأولى عن التجسد والثانية والثالثة عن الآلام) ثم أوشية الإنجيل وقراءة المزمور والانجيل باللحن الأدريبي ثم عظة – الطرح ومرده – الطلبة – الختام بطريقة البصخ
السواعي: بطريقة البصخة المعتادة (الثالثة والسادسة والتاسعة)
قداس اللقان: اللقان يملأ بماء عذب – يلبس الخدام ملابس الخدمة (كل الدرجات) يبدأون بلحن إك اسمارؤوت ان كان الأب البطريرك أو الأسقف حاضراً.. ثم البداية: إليسون ايماس – صلاة أبانا الذي – صلاة الشكر – البخور – أرابع الناقوس – ارحمني – ثم النبوات – عظة للقديس الأنبا شنودة – لحن تين أو أوشت – رفع البخور – سر البولس – قراءة البولس – (الثلاثة تقديسات – أوشية الإنجيل – المزمور والإنجيل (سنوي) – افنوتي ناي نان – كيرياليسون الكبيرة 12 مرة – الأواشي السبعة الكبار (المرضى – المسافرين – الأهوية – رئيس أرضنا – الراقدين – القرابين – الموعوظين – ثم طلبة – ثم كيرياليسون 100 مرة – الأواشي الكبار الثلاثة – قانون الإيمان – الاسبسمس – أكسيون كاذيكيئون – رشم الماء بالصليب – آجيوس (بكل القطع السابقة واللاحقة) – بركة الماء بالصليب – أبانا الذي – التحاليل – الرشم بالماء في الأرجل فقط – البركة ... ثم الحمل
القراءات تركز على الفصح الأخير: (Passover) Last Supper
النبوات : هزيمة عماليق (النصرة) – تحويل الماء المر إلى حلو (إشارة على خشبة الصليب – الصوم المقبول (إش 58) – قبول التوبة (حزقيال)
الرسائل: البولس: المصالحة مع الله بالصليب
الابركسيس: نزع النعمة عن الخائنين
ملاحظة أخيرة: يختم القداس (التناول) ومدائح عن العشاء السري وتؤجل الساعة الحادية عشر من يوم الخميس إلى المساء